ولد جبران خليل جبران في كنف عائلة مسيحية مارونية في السادس من شهر يناير/كانون الثاني عام 1883 في بلدة بشري بالمنطقة الجبلية لسوريا العثمانية، شمال لبنان حالياً. وقد كان عمر كاملة رحمة ثلاثون ربيعاً عندما كانت حبلى بجبران من زوجها الثالث خليل جبران، الذي أنجبت معه كذلك كلا من مرينا وسلطانة؛ ولجبران أخ غير شقيق اسمه بطرس يكبره بحوالي ست سنوات.

وقد تأزمت أحوال عائلة جبران بعد أن حُكم عليه بالسجن بتهمة اختلاس الأموال الضريبية التي كان يجبيها؛ حيث تمت مصادرة ممتلكات العائلة من طرف القوات العثمانية ليصبح بذلك الفقر عنوناً بارزة في حياة أسرة أودع معيلها الوحيد في غياهب السجون. صحيح أن جبران خليل جبران لم يتلقى أي تعليم نظامي في صغره إلا أنه كان دائم التردد على كنيسة البلدة التي تلقى على يد قسها أبجديات وتعاليم الكتاب المقدس. ونظراً لحذاقة الأستاذ ونجابة التلميذ، استطاع جبران تعلم اللغتين العربية والسريانية في وقت قياسي تحدثاً، قراءةً وكتابةً.

وبحثاً عن حياة أفضل، فقد انتقلت كاملة رحمة رفقة أبنائها الأربعة في الخامس والعشرين من شهر يونيو/حزيران عام 1895 للعيش بالولايات المتحدة الأمريكية بمدينة بوسطن تاركة بذلك زوجها في لبنان. وبما أن مدينة بوسطن كانت تعد ثاني مدينة يستقر فيها أكبر عدد من الجالية اللبنانية، فقد كان اندماج أسرة جبران في الثقافة الجديدة غاية في السهولة. بدأ جبران الدراسة في شهر سبتمبر/أيلول سنة 1895 في قسم خاص بأبناء المهاجرين لتعلم اللغة الإنجليزية؛ وبعد ذلك بثلاث سنوات، سافر إلى لبنان لولوج الثانوية العامة ببيروت وأسس مجلة أدبية وعمره لا يتعدى الخامسة عشر. بعد مكوثه في بيروت زهاء أربع سنوات، قرر 'شاعر المدرسة' أو الشاعر الصغير كما يسميه أساتذته مغادرتها من جديد إلى بوسطن الأمريكية. وقبيل وصوله إلى الولايات المتحدة الأمريكية، توفيت شقيقة جبران سلطانة بعد معاناتها مع داء السل، وبعدها بسنة التحق بها أخوها بطرس الذي توفي بنفس المرض، وأشهراَ قليلة بعد ذلك قضت والدتهم نحبها بعد فشل عملية جراحية أجرتها لاستئصال ورم سرطاني.

وقد دفع ولع جبران للرسم والتصوير الفوتوغرافي إلى تنظيم معرض للصور بمساعدة الرسام الأمريكي الشهير فريد هولاند داي، وكانت هذه هي المناسبة الأولى التي التقى فيها برفيقة عمره وتوأم روحه ماري إليزابيث هاسكل التي كانت معجبة برسومات جبران وشخصيته إلى حد كبير؛ ولعل الرسائل التي نشرت في كتاب يعد وفاة جبران شاهدة على مستوى المحبة الذي يكنه كلاهما للآخر. وقد كان لماري دور هام في حياة جبران حيث أقنعته بالسفر إلى العاصمة الفرنسية باريس لدراسة الفن وبعدها متابعة دراسة فنية في بوسطن. كما أنها هي التي شجعته على الكتابة باللغة الإنجليزية بعدما كان يكتب بالعربية أولاً ويترجم ما كتبه لاحقاً.

صحيح أن مجمل الأعمال الأولى لجبران خليل جبران كانت باللغة العربية؛ إلا أنه ومنذ ظهور مجموعته القصصية 'المجنون' التي نشهرها باللغة الإنجليزية مع دار النشر ألفريد نوبف عام 1918، أصبح واضحا أن جبران سينقش لا محال اسمه بحروف لا تمحى في صفحات كتاب الإبداع باللغة الإنجليزية. فقد فتح 'المجنون' الذي يحتوي على أربعة وثلاثين مثلاً وحكاية آفاقاً جديدة في مجال الكتابة فأصبح من أهم أعضاء الرابطة القلمية التي تتخذ من مدينة نيويورك مقراً لها وتضم كتاباً عرب أمريكيين أمثال أمين الريحاني، إيليا أبو مضي، ميخائيل نعيمة وآخرون.

والجدير بالذكر أن معظم مؤلفات جبران تركز على العشق الروحي والحياة عن طريق استعمال قاموس ديني ولغة راقية مشحونة بالتصورات التلميحية. ويعد 'النبي' أيقونة أدبية من الصعب الحصول على مثلها. ويحتوي هذا الكتاب على ستة وعشرون نصاً نثرياً مكتوباً بلغة شاعرية راقية ويعتبر ثالث أكثر الكتب الشعرية مبيعاً في التاريخ بعد كتب الشاعر الإنجليزي وليام شكسبير والصيني لاو زي. وقد ترجم 'النبي' إلى أزيد من عشرين لغة. ومن أشهر أعمال جبران خليل جبران نجد 'الأرواح المتمردة'، 'رمل وزبد'، 'آلهة الأرض'، 'الأجنحة المتكسرة'، 'حديقة النبي'... إلخ.

توفي جبران خليل جبران بمستشفى نيويورك في العاشر من شهر أبريل/نيسان من عام 1931 بعد صراع مرير مع مرض التشمع الكبدي الذي زاد من حدته إدمانه على شرب الكحول. وقد ترك جبران وصية يورث بموجبها تركته الفنية إلى زميلته ماري هاسكل التي وجدت في خزانته رسائل 'الورد والرماد' التي كانت تبعثها إليه؛ وقد نشرت هذه الرسائل في كتاب يحمل عنوان 'المحبوب'. دفن شاعر 'الروح' بمدينة نيويورك ونقل رفاته بعد ذلك إلى دير بشري بشمال لبنان.

تاريخ الميلاد: 06/01/1883

تاريخ الوفاة: 10/04/1931