أكذوبة اسمها أغذية للرجيم يعتقد الكثيرون أن اللجوء إلى الأطعمة المخفضة السعرات هو الحل الأمثل من أجل إنقاص الوزن، لكن للأسف النتيجة غير مجدية دائمًا أبدًا إن لم تعط نتائج عكسية، وهناك تلال دراسات على الإنسان والحيوان تؤكد ذلك؛ بل إن الناجحين في إنقاص كم معين من الكيلوجرامات باستخدام البرامج القائمة على تناول الأغذية المخفضة السعرات وهم قلة لا يختلفون بعد عام واحد من متابعتهم عن من استخدموا أي طريقة أخرى في إنقاص أوزانهم؛ فالوزن المفقود تتم استعادته بل وزيادته بعد مرور السنة في معظم الحالات. وعلى الجانب الآخر نجد كل شركات إنتاج الغذاء الكبيرة أصبحت تملك خطوط إنتاج خاصةً بنفس منتجاتها، ولكن بعد معالجتها بشكل أو بآخر من أجل تقليل السعرات الحرارية فيها لكي تصبح مناسبةً لمتبعي الحمية المنحفة. فإما أن تستبدل بالدهون الطبيعية في الغذاء بديلا صناعيا، أو تستبدل بالمواد السكرية مادة محلية صناعية مثل الأسبارتام Aspartame أو السكارين Saccharin، وقد يتمّ تعويض المفقود من الطعم بإضافة البروتينات أو مكسبات الطعم والبروتينات رغم أنها ألذّ طعمًا، إلا أنها أقل أنواع الغذاء منحًا للشبع لآكلها!.
فإذا أردنا أن نعرف لماذا يحدث ذلك فإن علينا أن نتذكر بعض حقائق الكيمياء الحيوية البسيطة، والتي لا يقولها لنا أحد مع الأسف الشديد:
أولا: يعطي جرام البروتين نفس مقدار الطاقة الذي يعطيه جرام السكريات أو النشويات، ولكنه لا يعطي نفس الشعور بالشبع؛ لذلك فأنت جائع وتريد أن تأكل، ولكنك لا تريد أن تأكل السكريات لكي لا تكسب الوزن أو لكي تفقده، فإذا اخترت الغذاء الغني بالبروتين والمنخفض السكر والدهون فأنت تأكل ولا تشبع فتعيد الأكل بعد فترة قصيرة، ودون أن تدري تجد أنك أكلت من السعرات الحرارية أكثر مما يلزمك مع أنك لم تشعر بالشبع! ولو أنك أكلت غذاء طبيعيا لما وقعت في ذلك الفخ.
ثانيا: نقص السكر المتاح في الغذاء (وبالتالي في الجسم) يقلل من قدرة الجسد على استخدام الدهون! وذلك لأن استخدام الأحماض الدهنية في إنتاج الطاقة بدلا من السكر يؤدي إلى تجمع ناتجين من نواتج استقلاب الدهون هما حمضا الأسيتو أسيتك أو الخلّ الخلي Aceto-Acetic Acid والبيتا هيدروكسي بيوتريك Betahydroxybuteric Acid، وتراكُم هذين الحمضين يثبط أي استخدام للأحماض الدهنية، والتخلص منهما لا يكون إلا بتوفر سكر الجلوكوز، ومعنى ذلك أنك عندما تعتبر السكريات والنشويات أغذيةً ممنوعةً فإنك تضع جسدك في موقف العاجز عن استخدام مخزونه من الدهون؛ فأي مضحوك عليه إذن أنت!.
ثالثا: البقاء على غذاء منزوع أو قليل الدهون والسكريات يجعلك في حالة جوع مستمر وشهية ملحة باستمرار؛ فأنت تحارب في اتجاهين أحدهما هو اشتهاؤك للسكريات والدهون، والآخر هو جوعك واحتياج جسدك إلى الطاقة، فإذا أخذت ما يسدّ جوعك من البروتين، فإنك -لا محالة- ستأكل بروتينًا أكثر من اللازم، وهذا البروتين الأكثر من اللازم سيتحول إلى دهون يختزنها جسدك الجائع الذي تحاول أنت أن تأخذ منه الدهون! وهذا لأن أولوياتك المعرفية هي عكس أولويات جسدك.
رابعا: علينا أن نراجع الأوليات فيما يتعلق بهضم واستقلاب البروتينات؛ فالبروتين يتكون من هضميدات Peptides، وهي عبارة عن أحماض أمينية جزء صغير منها فقط يستخدم في بناء الجسد، بينما يتمّ تحويل الباقي إلى مواد سكرية أو مواد دهنية؛ فأكثر الأحماض الأمينية يتحول فقط إلى سكريات، وبعضها يمكن تحويله فقط إلى دهنيات، وبعضها يمكن أن يتحول إما إلى سكريات أو إلى دهنيات حسب احتياج الجسد مثل الفنيل ألانين والتيروسين والأيزو ليوسين والتريبتوفان.
وعندما نتجنب الدهون أو نعيش على أغذية الحمية المخفضة الدهون، يقوم الجسد بإنتاج كمية من الخمائر (أو الإنزيمات) تعمل على تحويل الأحماض الأمينية الأربعة الأخيرة إلى دهون بمعدل 14 ضعف ما ينتجه الجسد عند تناول الغذاء الطبيعي.
إذن من يكسب في النهاية؟ أليس هو الجسد؟ ألا ترى أن الوزن الحقيقي المفقود في النهاية هو وزن حافظة نقودك؟ ويستنتج العقل البسيط من ذلك أن أغذية الحمية هي أكذوبة يروجها من لا يعرفون، أو من يعرفون ولكنهم يتكسبون من هذه الكذبة.. فهل الأمر يتوقف عند ذلك؟
للأسف لا.. فهناك بعض الدراسات التي تشير إلى تسبب بدائل السكر كالأسبارتام مثلا في أورام المخ واعتلال الأعصاب، وتسبب السكارين في سرطان المثانة البولية، وخبز الحمية في سرطان القولون.
--------------------------------------------------------------------------------